أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

قصة قصيرة بعنوان (تعلق)

 و من بين الأجناس الأدبية، تأتي القصص القصيرة تلهم الكاتب و تمتع المتطلع بلهفة و شوق لأحداثها و محطات بدايتها و النهاية. و هذه من إحدى القصص القريبة من واقعنا المعايش. و الحالة النفسية التي يعيشها أغلب الناس مع أنها ليست تجسبدا و لكنها قريبة جدا من أحوالنا و حالاتنا.

قصة قصيرة تعلق
قصة قصيرة تعلق

👈 تعلق 

- و هو ذاهب إلى عمله، نسي بطاقة الهوية. لقد استيقظ متأخرا هذا الصباح، فهو لم يستطع النوم بشكل جيد ليلة البارحة. فكر انه إذا عاد لاسترجاع بطاقته سيتأخر أكثر و أكثر واكتفى بتقديم الاعتذار بحجة النسيان. 

صعد سيارته. آه لقد نسي أيضا أن يؤدي صلاته. قال: يا إلهي, لقد خرجت قبل أن أصلي فاستغفر  وقال إن تمكنني سأصلي أثناء فترة الاستراحة .

 وهو يسوق سيارته ينظر في المرآة و يتطلع إن كانت علامات النوم لا تزال بادية على وجهه.و يحدث نفسه و يقول: كل هذا بسبب صديقي طارق لم يحدثني منذ زمن و بالأمس بعد عودته من رحلته من اليابان صار يحدثني و لم يتوقف إلا بعدما أفرغ كل ما في جعبته و ما رآه في  غرائب الأمصار. لكنه محظوظ لأنه استطاع أن يدرك العديد من المزايا و المساوئ في فترة و جيزة قبل أن يقتنع.  

ما كان علي أن أسترسل معه في الحديث. فاليوم عندي يوم شاق مضغوط بشتى الأعمال و الالتزامات. وصل إلى مقر عمله. دخل مسرعا لا يلتفت يمينا و لا يسارا. أخذ مقعده و أراد أن ينظر كم الساعة . تذكر: آه حتى الهاتف الخليوي بقي هناك على المنضدة . كيف لم أنتبه لهذا . قال : لا ، لا يمكن، لا يمكنني أن أمضي يومي بدون هاتفي الخليوي. و كيف أستطيع صبرا أن أركز في عملي. لا، أنا مضطر لأعود للبيت . 

حسنا، سأذهب بسرعة أثناء الاستراحة . زوجتي هي بدورها في العمل، ثم إنها لا تزال غاضبة مني من حادثة اول أمس فهي لن ترضى أن تأتيني به، و ربما إذا أخبرتها ستفرح لأنها دائما تعاني لاهتمامي بالهاتف على حساب وقتها. الأهم الآن أن أستعيد هاتفي. 

يجري في هذه الأثناء خطاب داخلي بين  نفسه و بين ضميره:

 حوار الأنا

 - كم من التحديثات وصلت.... كم من التعليقات... هل لقي موضوعي الأخير الذي نشرته تفاعلا.؟ لا زلت أتوقع أن يقرأ الأستاذ الفلاني رسالتي فيرد علي.

ماذا عن المباراة الجارية ظهرا، كيف سأتابع أخبارها! و ما قد يكون التريند اليوم؟ أوقفه ضميره قائلا :برأيك، هل هنا تكمن أهمية هاتفك الذي قد يأتي أو يذهب بنشاط يومك؟! هل هذه الأشياء هي التي تراها مهمة بالقدر الذي أصبحت بالنسبة لك مصدرا أساسيا لتزويدك بنسبة الدوبامين .ماذا عن عملك، انضباطك، نجاحك، صلاتك، أسرتك؟!... أين هي أولوياتك.؟ 

أجابت نفسه في اقتضاب، ولكن الهاتف أشعر أنه مسل إلى حد ما و يخفف عني ضغوط اليوم التي أواجهها. قاطعه ضميره: هل حقا تعتقد ذلك، ألم يكن هذا السبب يوما هو مصدر إزعاجك و تعطلك عن شتى أمور هي أهم في  حياتك. 

في هذه الأثناء كان قد اقترب من الحي الذي يقطن فيه. و قبل أن يلتف بسيارته نحو اليسار حيث منزله، أدار لفتين اثنتين و عاد دون تردد للعمل.

 - و أخيرا قرر أن يخوض تحديا تجاه نفسه، قال: سأتمم باقي اليوم كأنه معي. عاد لمقر عمله و ركز جيدا، فأتم مهامه قبل زملائه، و أخذ قسطا من الراحة. تسنى له أن يصلي ما فاته و قبل  أن يستأنف عمله، شعر بأنه مسيطر على وقته متحكم فيه عوض ما كان عليه من القلق و الاستعجال. 

أتم دوامه على أكمل وجه، و عند عودته للمنزل، كانت نفسه تدعوه ليسرع للبيت حتى بنزوي بهاتفه الذكي لكنه حاول أن يقاوم هذا التهيج و فكر مليا ثم قال: سأحاول أن أتأخر قليلا عن المعتاد. تذكر صديق والده المريض و الذي اصبح طريح الفراش بعد الحادثة الأليمة التي حدثت معه. . ذهب لزيارته فوجده ممتنا شاكرا و سعد لاهتمامه به و تذكره له  فشعر من داخله بفرح كبير و إحساس جديد. و قال في نفسه: يسعدني أنني بتصرفي هذا استطعت أن أخفف على أحد همه و معاناته. 

بعد قليل، خرج من عنده ومر على محل للعب الأطفال،  فارتأى أن يبتاع لابنته لعبة دون مناسبة، و بلا تردد، اشترى علبة الشوكولاتة المفضلة لدى زوجته. عاد متحمسا على غير عادته مبتسما، و كم أصاب أسرته من الدهشة حيث لاحظوا تصرفه العفوي و غير المعتاد.

 التفوا جميعا حول المائدة. و أخيرا وصل موعد لقائه بهاتفه. أخذه بمشاعر ممتزجة بين الحماس و الانطفاء و الشوق و الحيرة و اكتشف أنه أصبح لا شك في عداد المدمنين. و هو يستلقي على سريره يردد في داخله. لقد كان يوما مختلفا حقا. و كم كان حافلا بالوعي بذاتي فحقا لرب ضارة نافعة.


MAGDA
MAGDA
ماجدة الضراوي: - طنجة. المغرب. - صانعة محتوى كتابي أدبي. -حاصلة على الإجازة في القانون خاص. - أستاذة لغة إنجليزية بالسلك الابتدائي الخاص. - درست القرآن الكريم برواية ورش عن نافع في معهد عائشة أم المؤمنين بطنجة. - درست في المركز اللغوي الأمريكي - طالبة في برنامج البناء المنهجي دفعة البشائر 5 الاهتمامات الأدبية: - الكتابة والشعر والقصص القصيرة. العضوية والنشر: - عضوة في منتديات متعددة في الوطن العربي - نشرت بعض أعمالها في المجلات المحلية الطموح. - المساهمة في إثراء المحتوى الأدبي. - تسليط الضوء على صوت المرأة في مجال الكتابة الإبداعية وباقي ميادين الحياة. رابط القناة على اليوتيوب: النسخة الإنجليزية https://www.youtube.com/@memeathoughts-dr
تعليقات