مواسم العيد، هي مواسم خير و صدقات و زكوات و قربات. يترقب فيها المسكين فرصته ليفرح و يفرح أهله، و يرى فيها الطامع فرصة انتهازية لا يجب إفلاتها، و بينهما نية فارقة. هي قصص من هذه و تلك، تحكي عن ظروف اجتماعية أقرب للواقعية.
![]() |
أضحية العيد (قصة قصيرة) |
👈 قصة أضحية
- في عالم الضبابية، هناك تقيم أسرة مكلومة لا حظ لها في هذه الحياة إلا هموما و أسمالا قديمة. كلما اقتربت مناسبات هبت إليها سواعد الخير تجبر كسرها و تشعرها بالتضامن و التكافل.
هذا العام تغير الوضع كثيرا، أهل هلال ذي الحجة، و مضت أيامه التسعة، لم يطرق بابهم أحد، و لم يجد العطاء لحيهم سبيلا. الصمت عم المدينة. لا أصوات، لأ أكباش و لا ثغاء إلا ما قد تسمعه قليلا قليلا. قيل أنه الغلاء و ارتفاع الأسعار. لا أحد يستطيع أن يقتني أضحية العيد، هي فقط فرصة للبائعين و السماسرة ليستغلوا فرصتهم و يكسبوا بدل المال أموالا.
- بقي الحال كما هو عليه حتى قاب قوسين أو أدنى أن يشرق فجر العيد، فكر الوالد بعد حيرة و يأس، هل يبيع هاتفه الثمين ليفرح أبنائه الصغار هذه المرة، فقافلة الصدقات متوقفة إلى أجل غير مسمى.
ترى، ما هو السبب الرئيسي وراء هذه التصرفات. تراكمات من المتناقضات و سوء فهم للأولويات و القربات. و عالم لا تكاد تعرف غنيه من فقيره حيت اختلطت العلامات. هل كان لزاما أن يكون لكل منا أشياء مادية باهضة الثمن حتى تزيدنا قيمة في حين قد نكون أحوج إلى ما دون تلك الأشياء! هل يتجلى إخلاصنا و انقيادنا لله في التهافت على تطبيق سنته اقتداء بخير أنبيائه أم لأن نفس الأمر هو مناسبة لنثبت لذواتنا أن من حقنا التباهي بشراء الأضاحي. هل أضحية العيد بالنسبة لنا سنة بعد فريضة سلمنا و قمنا بها عن قناعة أم هي خبط عشواء و دلالة لانتمائنا للجماعة.
هل اختلافنا في التفكير و توحدنا في مشابهة القطيع عادة حميدة أم ركنا أساسيا نتخذه لنتجنب النبذ و الهجوم من قبل الآخرين؟
هي أسئلة يجب أن تقض مضجع كل من فينا ذاق مرارة الخذلان ضمن مظهر الراحة و التصنع الزائف الذي لم يسلم منه إلا ما رحم ربي، ذاك الذي عرف كيف يقدر نفسه و يحسن اختيار الأجود لها دائما بغض النظر إن استحسنه الآخر أم لا.
كلما ازددت تعمقا في ثنايا هذا المجتمع، ازددت صدمة و بحقيقته نفورا و حيرة. فمن يدعي شيئا تكذبه أفعاله و من يريد شيئا يفعل نقيضه و الحقيقة ضائعة بين هذا وذاك حتى تجد لها أرضية صالحة فتزهر تباعا و تعلو شامخة لا تخاف شيئا و إنما هي من يضرب لأجلها ألف حساب .