- بين القصص و الخواطر، تتموقع هذه الأحداث لنستخلص منها عبرا ودروسا. لنستشف منها و نستدرك ما يمكن استدراكه و نتقدم حقا إلى الأمام.
![]() |
جرعات قدرية |
زفاف مؤجل
- انتظرته أربعة أعوام متتالية. بعدما أتم الأوراق الضرورية المتعلقة بجنسيته و إقامته. جهز منزله الجديد الذي ستزف إليه حبيبته و ملأه بما تشتهيه كل عروس في هذا الزمن.
ركب الطائرة و حلق في الجو. لم يخبر أحدا فقد أراد أن يفاجئ حبيبته. وصل المطار، امتلأت رئتاه برائحة الوطن بعد طول غياب.
نزل من الطائرة، ركبته الأمواج و حملته على عجل. لم ترأف به و أخذته حيث اللاعودة . حقيبته تطايرت و اختفت بعدما توارى عن الأنظار. حبيبته كانت في الموعد زفها الطوفان إليه و شملتهم رحمة الله.
أحلام وشيكة
- يلتحفون العراء دائما. يؤنسهم أزيز الرعد و صقيع الثلوج شتاء و في الصيف تسامرهم ألحان الصراصير . لا غيرها يستشعر معاناتهم ضاقت الأرض بحجم القسوة فتمخضت و أنجبت أحياء فوق الأنقاض. انتعش الناجون بعدما عاينوا القيامة و عادوا يلتمسون دوام اللحمة بعدما ذاقوا حلاوتها. فهل يعيش حلمهم هذه المرة و يتحقق كرؤيا يوسف أم يتلاشى و يتناسى بجفاف تربة موتاهم.
حقيقة
- كنت كلما أكتب عنها يسخرون مني و يكذبون. هم لهم أسبابهم و أنا لي أسبابي، لم يكن الإيمان قد بلغ منهم ما بلغ مني. أنا أعذرهم. هم لم يعلموا أن التمكين يأتي بعد الزلزلة و الاختبار.
كانوا يظنون أن حياتي كلها كذلك، لخصت من ألفها ليائها و لُفَّت بالأحزان و المصائب واحدا تلو الآخر. ألم يقرأوا عن سجن يوسف و سنوات البعاد. ألم يدرسوا سنة أولئك الذين طغوا في البلاد.
كم و كم من السنن التي تُثَبِّتُ الفؤاد. أبعدما استفحل الشر و أباد، هل يظنون ألن ينطق الجماد. أي و ربي إنما هي أيام قلائل و تتوالى العجائب من فتح و نصر و تسريح. ذاك وعد عليه حقا و علينا تصديقا فليذرُّوا الرماد.
خذلان
- أسموها عريقة، هتفوا بها في كل حلقة و تظاهروا في حبها حتى ظُنَّ أنها الحقيقة. توالت السنون. من حجم الظلم، هتف البنون. عذرا هناك سوء فهم في الحقيقة.
جلسوا وقامو ثم جلسوا، لم يستطيعو القيام . تبين في النهاية أنها لم تكن صديقة و لا غريقة. و أنها هي الماء و النار. بقيت شامخة فلم يجدوا إليها طريقة.
قصة سفر بلا جواز
- كان مضطرا ليفعل، في فجر اليوم الموالي وجد نفسه يصارع الأمواج على متن قارب صغير، هو و خمسة من رفقائه. كلما علا موج شهَّدوا جميعا و تأهَّبو ليعانقوا الموت ثم يطفو قاربهم من جديد ليخلق لهم أملا في النجاة. بعد ثلاث ساعات كانوا قد اصفرت وجوههم من الخوف و الصدمة. وصلوا الشاطئ مبللين مهللين بنجاتهم من موت محقق .
- مضى الأسبوع الأول فالثاني و هو لم يبرح محطات الطرق و التعشيش في زوايا الأحياء. لم يجد بعد عملا ولا ملجأ يأوي إليه. حتى اللقمة ينتظر آخر النهار حتى إذا لمح وجها ذو ملامح عربية كلمه و شكى له حاله فيتصدق عليه بقطع نقدية أو أطعمة ممّا معه.
- هزل جسمه و تشقق جلده من شدة البرد. لم يعمل حسابا لهذا اليوم. عندما كان في وطنه ،كان يحمل فقط هم العبور للضفة الأخرى و حقيبة من الأحلام تجعله نسخة من أبناء حيه الذين يأتون إلى بلدهم في عطلة الصيف ليستمتعوا بما جمعوا من أموال حصيلة السنة و يتباهون بالسيارات التي يأتون بها ونسي أنه مسافر بلا جواز.
على الباغي تدور الدوائر
سافر بلا خبر
على الضفة الأخرى بنى دورين
و استطاع أن يبدأ أياما أخر
نسي أنه لا تزال هناك كلمة للقدر
عاش الحياة و تناسى ظلمه
و الحق الذي أهدر
و جاء آذار
بالعشب و الشمس
فضحت ما ستره المطر
فأدلجت ليلته
و بكى و استعر
قال في تحسر
ليتني ليتها ما التقينا يومها
و لا طمعي بطر
كنت قد نسيتها
من ردها الآن و قطع علي أحلامي
أمعقول أن يلاحقني ظل زمن غبر
بيت العنكبوت
- بنيانهم مقروص، عند تشييده نسوا اللبنة و بنوا بيوتا من العناكب. مكثت بيوتهم في الكهف سنين.سطعت شمسهم وهبت رياح الفجر. هدمت مبانيهم عن بكرة أبيها ففهموا أخيرا معنى الآية الكريمة :
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*
***************
القضية فيها إن