أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

كيف نواجه التفاهة. مقالة

هل تعلم أن غربتك بين الناس قد تكون نعمة؟!

عندما يصبح الوسط عكرا بعد أن كان عطرا و تجد أنك لا يفهمك إلا قليل و تحاول أن تفهم فتجد المنطق عليل، حيثما وليت وجهك تجد صخبا ورائه التابعون، من أين يأتون و كيف يتكاثرون و كيف يفكرون، هنا تجد نفسك وحيدا متعجبا من التحول الجذري الذي طال محيطك و لم يطلك و كأنك أنت الدخيل بمبادئ أصبحت ترى أنها منكرة في هذه الموجة العارمة من السفسطة و الهيم في كل واد.

كيف نواجه التفاهة. المقالة
كيف نواجه التفاهة. مقالة 

ألا ترى أنك رغم استوحاشك لعصرك فلعمرك إنك لفي نعمة إذ لم تفقد حقيقة الاستمتاع بالحياة الحقيقي بعيدا عن فلتر الأضواء و فلتر الوجه و فلتر الصورة. 

في عصر الأقنعة و الألقاب اللامعة تود لو أنها مغناطيسا لتسحب كل الأعين و تقنع كل الأسماع بما لديها من جديد التفاهات و المشتريات، حيث أصبح تقاسم اللحظات مع الناس حاجة ملحة و أصبح يسمى تأثيرا و هو كذلك إذا قارناه سلبا تجاه ما ينفع الناس.

 و حيث لم يعد النفع في الأصل مطلبا فلا تسأل عنه و لا تسأل عن ما وراء هذا العرض. لا وقت و لا جدوى لذلك. إنه وقت الظهور لا السطور، إنه وقت الشرور.

 على أيدينا تُصنَع و بلا وعي و يكفي بصماتنا إثما أن تمرر ما فُرِض عليها و ما لم تطلبه حتى، و يكفي الفضول أن يكون أب الخبائث و أول أسباب التأثير. 

اتفق رواد التفاهة أن يكسبوا الرهان و لو بعد حين. بنَفَسهم الطويل و دأبهم على الملاحقة و المواكبة مهما كان الثمن. فالمزامنة أصبحت حاسمة ليعتد بك إن كنت تدخل في تحديثات الترند الموالي أم تتخلف عن دخول التاريخ بزعمهم. 

لقد قرأت كتبا و سمعت حكايا لكن الوقت الذي نحن بين يديه لسابقة في تقديم المعدمين على المبدعين و لإخفاء النابغة و طمس الهوية بشتى الأسماء فكيف لا تفتخر بنفسك أنك غريب في هذا الزمن العجيب! .

صراع الأشاوس

حرب ضروس يخوضها أصحاب الهمم و القمم لله درهم مع أصحاب القمامات و التفاهات لا بارك الله لهم مستعينين فيها بكل ما يمكن أن يقويهم ليستأثروا بالصدارة. 

لكن العلامة الفارقة بينهم و الرقعة شاسعة متسعة فشتان بين من يدعو و يسعى للبناء و بين من يسعى و يذوذ عن التهديم و الأكثر من ذلك لن يكون هناك أكثر شماتة من أن يتوقف أثر المهدمين و بين من كانوا للأمام قائدين و مقتدين فقد تكقل الله بالقبول و التأثير و الأثر الذي في سبيله كان و انحصر بذلك طمع المدنسين للحق المزينيين الباطل الملبسين على الناس.

 و لأن المقاصد تباينت، فالأجدر ألا ننخدع بما نرى بل ندقق في الوقت و الزمن، و أكبر دليل على ذلك من سبقونا في التميز في أبواب العلم في زمن غابت فيه هاته وسائل الانتشار، فلم انتشرت رغم قلة الوسائل حتى حلقت في الآفاق مدوية، أليس لأن ثمرتها كانت طيبة و أصلها ثابت فلا تنظر لمن حولك و لكن انظر إلى مقام الله في قلبك يرتفع قدرك و تفهم المعنى الحقيقي للأثر، و تدبر الآية الكريمة: 

"فَٱنظُرْ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْىِ ٱلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ ۚ"

 كذلك القلوب و الأسماع فهي بمثابة الأرض، و كذلك أصحاب الهمم و القمم هم بمثابة المطر. فاللهم زكًِ نوايانا حتى يكون لنا الأثر و لو بعد حين.  

ماذا يتوجب علينا تجاه انتشارا التفاهة؟

أخي أخيتي، واقع الحال لا يحتمل الانتظار أو التأجيل، و سأقولها بدون تمهيد أو مقدمات. كيف يمكننا أن نكون جسدا واحدا إن كنا ببعضنا غير مبالين. 

وحدتنا تتآكل كل يوم و نزيدها فرقة. و نريد التغيير، من أين يأت التغيير و نحن خلف الأحداث بالتفرج مكتفين. و لكن الأمر في الحقيقة لا يستحق الكثير من التفكير، و لأن يبدأ كل واحد منا بنفسه فيجاهد فيها بالعلم و التعلم و ينتقص من تفاهات الأمور التي يتضمنها يوم

ه لتقدمنا بشكل كبير.

 و لأن يتعلم أحدنا في اليوم و الليلة آية قصيرة و يفهمها . لو يتدبرها فيدرك مقتضاها و ما يريده الله منه تجاهها فيجتهد في العمل على ضوء ذلك. 

و لَأن يحفَظ أحدنا حديثا نبويا مهما مما ينجي من المهالك و يهدي إلى سواء السبيل فيخلص في طلبه من أهل العلم الربانيين و يحاول قدر المستطاع أن ينشره بسلوكه أو بقوله بين أهله و عشيرته لوفقنا الله فيما نريد و لهدانا في نوايانا و أعمالنا. 

و لأن يتعلم أحدنا علما دنيويا يفيد به مجتمعه و أمَّتَه - و ما أحوجنا في هذا الوقت بالذات لذلك- فبنعمة من الله قد صار ذلك مُتاحا و سهلا مع وجود الأنترنت و مصادر العلم المهمة و المختلفة فيه، فوالله لكان صار يومنا أطول و مباركا و ذو قيمة قَيِّمة .

لَأن نُشارك ولو بقليل بسلوك قويم فيه من الخُلُق الحَسَن ما يَشُدُّ المرءَ لهذا الدِّين و لو زينَّا به محتوياتنا على صفحاتنا التي ننشرها يوميا على شبكات التواصل لانتفع بذلك منه الكثير من التاس. لغيَّرنا النَّظرَةَ و ما اكتفينا بالتَّقاعُسِ و النَّدْبِ على أحوال الأُمَّة، و لكان خيرا لنا. 

لوْ بادرنا بأن يُحاسِب كلّ منا نفسه و ينظر ما يمكن أن يُقدِّمه في تحسين خُلُقِه تُجاه ربه وتُجاه مَن حوله و يسعى في الإصلاح قاصدا بذلك ابتغاء وجه ربه لا مُستعليا و لا مُتباهيا  لأَتَت كل الجهود أكلها.

كيف تصنع التفاهة؟

و كانت المشكلة مشكلة تفريط و إهمال من الأمة تدريجيا بعدم الالتزام بالمواظبة على الأساسيات من الشعائر، فلما استرسل الغافلون المتلاعبون و استهانوا بالأمر، تغير الأمر و صار أخطر فوجدت الأمة نفسها في حرب مع أعدائها حيث أصبحت المشكلة أعوص و أصبحت مشكلة مفاهيم. 

صار الخلط بين الحق و الباطل و الحقوق و المظالم حتى رأينا الفطرة البشرية تصيح لما رأته من موجات ادعائية تصفق لما كان يُعَدُّ بالأمس انتهاكا و اعتداء، و تحاول بل تعمل على أن تضفي عليه صفة الشرعية، وهذا في العديد من المجالات.

 و رأينا أصحاب الحقوق بعد اعتيادهم و تعايشهم مع الظلم بكل أشكاله و صوره، صاروا يخجلون من الحديث عنها أو المطالبة بحقوقهم مما زاد من استفحال أهل الباطل و تفشت حملتهم فكان لهم التأثير كل التأثير على تثبيط الهمم . 

و مما زاد خطورة هذه الظاهرة هي الجرأة و الثقة التي صارت عند هؤلاء المتنمرين المقنعين بزيف الحق. و ما يكنون تحت أقنعتهم إلا خبثا و مكرا و تجاوزا لحق الغير.

كيف نشأت التفاهة في مجتمعاتنا؟

 إذا أردنا الكلام فالكلام يحز في النفس و يعتصر القلب، و لكن فهم الأشياء و الاعتراف بها أحيانا قد يكون أول خطوة في إيجاد الحلول.

 لم تصنع التفاهة في الخفاء، و لم تصنع هكذا جاهزة مرة واحدة، بل كان وراء ظهورها و قوة انتشارها سنوات كفاح في استعمال كل ما يمكن أن يضل عن سبيل الله بعلم أو بغيره. فالقوة الناعمة كما يسمونها و التي هي في الحقيقة اشد شراسة استخدمت لهذا الغرض و كانت أمثل طريقة مؤثرة لسهولة وصولها إلى البيوت عبر مختلف الوسائل الإعلامية. 

و لأن الهدف تمت حياكته بدقة متناهية، فقد تنامت مسيرة التفاهة لتتربع عرش الأحداث في الفترات الأخيرة  على شكل موجات تسحب كل مرة نصيبا من العقول و من منزوعي الإرادة و الهوية. 

و كلما كانت الاستجابة سريعة كانت التغذية و الإبداع فيها يتزايد ضاربا عرض الحائط كل خلق قويم أو فطرة سليمة مقابل جذب الانتباه و إثارة الجدل و خلق من اللا شيء شيئا ليغطي عن الأمور الجسام. 

إن الغزو الفكري المعاصر على قدر تطور وسائله على قدر تعفن محتواه و أهدافه حتى لكأنه أصبح التطبع مع الميوعة و الخلاعة سمة من سمات المعاصرة و لبئس المعاصرة و لبئس الحداثة المزيفة. 

إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف تقبل المجتمع هذا التغيير بهذه السرعة فأصبح الاسترزاق بالعرض و الشرف من الحاجيات التي استدعاها الوقت كما يروج لها.

 و الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هو غياب واضح و تام لوجود ثوابت و مبادئ مبنية على أسس قويمة لتحمي الناس الذين يتعاطون مع المعلومة الرقمية من الانجراف لأي فكر أو سلوك أو عادة لا تتناسب مع ثوابت الأمة. 

لقد بدا الاستعمار جليا و أنتج التقليد الأعمى جيلا منسلخ القيم له تصور ضبابي عن عقيدته مستخف لأقصى حد بما كان بالأمس مقدسا و لا يقبل التأويل أو الشك، بل صار مواد دسمة يتغذى عليها من في قلوبهم مرض و الحاسدين لمن يحملون شعلة من نور الله في قلوبهم. 

فكان هذا الصراع حريصا ليفتك بكل دعامة المجتمع، و هكذا شيئا فشيئا تساهل الناس مع الغرائب من الأمور و بعد تجاوز مرحلة الصدمة، صار الاعتياد و التأثير أسبابا من استفحال ظاهرة التفاهة. 

الصعود إلى الهاوية

و على سبيل المثال و الأمثلة كثير، ظهرت حملات التجديد الشكلي للنساء و العمل على إقناعها بضرورة تحسين صورتها الخارجية للتقبل و لفت الانتباه و صرف  الاهتمام عن تنمية عقلها و ثقافتها فيما سلط الضوء على اهتمامات الشباب و كيفية شعورهم بالانتماء فقدمت لهم نماذج فقيرة الخلق عقيمة الفكر لامعة المظهر و المنظر لا أهداف لها إلا اللهو و الطرب و الفوز بتحديات جنونية تسلب العقل و الرشد. 

و قدمت لهم هذه الفئة على أنها نماذج فعالة في تنمية مجتمعها بتحقيق دخل مادي و إن كانت في الأصل لا تمرر إلا محتوى مادي صرف يلقي الضوء على ما تهواه العقول الفارغة التابعة و الهاتفة تهرف بما لا تعرف و تخوض في كل واد.

 و الله إن العقل لم يعد يستوعب هذا الاستحمار و الجنون . فإن شئت سميته تمويها أو خداعا و قلبا للحقائق  أو شئت سميته فلسفة فاسدة و رؤية جائرة .

و حتى لا نزيد الأمور تعقيدا فدعنا نقول و بكل بساطة هو نتيجة و خذلان تلقائي لما تخلينا عن القيم أعقبه ابتلاء نفاقا عمليا أو عقديا فاستغل أعداؤنا و من بيدهم زمام الأمور فعملوا على تغيير قناعتنا حتى نعتقد بما يريدون إقناعنا به. فعلى سبيل المثال، من كان بالأمس يعتبر شريفا و بطلا أعطيت له اليوم ألقابا في الاعتداء و الرجعية و نزعت منه الدوافع و الأسباب و الذي كان بالأمس القريب منكرا و دخيلا على هوياتنا و أعرافنا صار يستحق الريادة و القيادة و السيادة. 

فكيف بجيل نشأ بين المنتصف، و كيف بجيل تربى في الحقبة المزيفة . كيف له أن يتبين ما له من حق حتى يدافع لأجله بثقة و يقين إن كانت المفاهيم قد اختلطت و أيواب الفتن قد شرعت على مصراعيها . فعلى من تقع المسؤولية يا ترى و كيف السبيل إلى إنقاذ هاته التنشئة من هذه الظلامية الهلامية. كيف يمكن أن تتضح الرؤية لترجع المفاهيم السليمة للعقول. إنه لأمر جلل يستحق تأملا و دراسة لرصد الخلل و تصحيح الأوضاع إن أردنا حقا ان نعود بأبنائنا لجادة الصواب.

التغيير الفردي فعال

  فلنحاول و لنبادر بالصلاح يا من لا يزال في قلبه ذرة من الحماسة للتغيير للأفضل. و لنسعى في نشر الخير حيثما استطعنا إليه سبيلا بعيدا عن الشخصنة و التحزب و نزاحم أهل الرذائل و التفاهة، من لا يريدون لنا خيرا و يضيعون أوقاتا هي من أغلى ما نملكه.

 و لنعرض عن صفحات اللافائدة و اللغو من تستفز فينا علو قيمنا، من أصحابها يستخفون بنا و يخدشون ما تبقى من حيائنا تحت ذريعة التسلية فتبا لها و لكل حريص على دسها في عقولنا.

 نحن من سيصنع التغيير إن أردنا حقا. و بداياتنا تبدأ بما هو متاح لنا. كل منا ينظر باحترام لذاته فيحترم ذوقها و لا يسفهها فقد بلغت السفاهة ذروتها. 

كلمات لم أنسقها و أضبطها من قبل و لكن حز في قلبي ما نحن نعيشه من اضطهاد أخلاقي على مختلف المستويات. فلنكن أمة واحدة إن شئنا أن تقوم لنا قائمة ففي ذلك مناصرة لمن وجبت له النصرة و الله لن يضيعنا إن كنا كذلك.

حرب ضروس يخوضها أصحاب الهمم و القمم لله درهم مع أصحاب القمامات و التفاهات لا بارك الله لهم مستعينين فيها بكل ما يمكن أن يقويهم ليستأثروا بالصدارة.

 لكن العلامة فارقة بينهم و الرقعة شاسعة متسع،ة فشتان بين من يدعو و يسعى للبناء و بين من يسعى و يذوذ عن التهديم، و الأكثر من ذلك لن يكون هناك أكثر شماتة من أن يتوقف أثر المهدمين و بين من كانوا للأمام قائدين و مقتدين فقد تكقل الله بالقبول و التأثير و الأثر الذي في سبيله كان و انحصر بذلك طمع المدنسين للحق المزينيين الباطل الملبسين على الناس.

 و لأن المقاصد تباينت، فالأجدر ألا ننخدع بما نلاحظ بل ندقق في الوقت و الزمن و أكبر دليل على ذلك من سبقونا في التميز في أبواب العلم في زمن غابت فيه هاته وسائل الانتشار. فلم انتشرت رغم قلة الوسائل حتى حلقت في الآفاق مدوية. 

أليس لأن ثمرتها كانت طيبة و أصلها ثابت، فلا تنظر لمن حولك و لكن انظر إلى مقام الله في قلبك يرتفع قدرك و تفهم المعنى الحقيقي للأثر، و تدبر الآية الكريمة. فانظر إلى أثر رحمة ربك كيف يحيي الأرض بعد موتها كذلك القلوب و الأسماع فهي الأرض و كذلك أصحاب الهمم و القمم هم المطر. فاللهم زكي نوايانا حتى يكون لنا الأثر و لو بعد حين. و الحمد لله رب العالمين .

MAGDA
MAGDA
ماجدة الضراوي: - طنجة. المغرب. - صانعة محتوى كتابي أدبي. -حاصلة على الإجازة في القانون خاص. - أستاذة لغة إنجليزية بالسلك الابتدائي الخاص. - درست القرآن الكريم برواية ورش عن نافع في معهد عائشة أم المؤمنين بطنجة. - درست في المركز اللغوي الأمريكي - طالبة في برنامج البناء المنهجي دفعة البشائر 5 الاهتمامات الأدبية: - الكتابة والشعر والقصص القصيرة. العضوية والنشر: - عضوة في منتديات متعددة في الوطن العربي - نشرت بعض أعمالها في المجلات المحلية الطموح. - المساهمة في إثراء المحتوى الأدبي. - تسليط الضوء على صوت المرأة في مجال الكتابة الإبداعية وباقي ميادين الحياة. رابط القناة على اليوتيوب: النسخة الإنجليزية https://www.youtube.com/@memeathoughts-dr
تعليقات