عندما ترتبط أناتنا بكل ما هو خارجي. تبتعد شيئا فشيئا عن ذاتنا الحقيقية.
![]() |
عندما ترتبط قيمتنا بما نملك أو بنظرة الناس لنا أو عندما نقول ما يعجب الناس و الذي قد لا يكون يعجبنا، نحن نسقط حينها في لعنة الزيف، و نصبح مجرد نسخة مشكلة تتلون حسب الرغبات و المتطلبات حتى تلاقى بالقبول و لا ترفض.
فما هي هذه الأناة الكاذبة ؟ و كيف تتشكل؟
- إن التحليلات النفسية و العلمية خلصت إلى أن أصل الأنا الزائفة ينبت غالبا في النواة الأسرية، حين يكون لأولياء الأمور نزعة سلطوية مع أبنائهم فيحرمونهم حق الكلام و ينزعون منهم ثقتهم في أنفسهم لدرجة يضطر معها أبناؤهم الذين هم ليسوا على درجة من الوعي الكافي بحالة والديهم فينسلخوا من أناتهم الحقيقية و يتقمصوا شخصيات لا تمت إلى تفكيرهم أو أذواقهم بصلة.
فقط كي يرضوهم فينالوا قبولا و رضاء و لو مؤقتا، مما يؤدي إلى شرخ في شخصياتهم و سلوكياتهم و من ثم تبدأ معاناتهم و فهمهم المشوه لذواتهم.
- لقد أظهرت الاستبيانات أن هناك العديد من المجتمعات تعاني من هذه الحالة حتى أن الوضع تفاقم ليصبح عند البعض هو الأصل ظنا منهم أن الحياة هكذا تكون و أن التعبير عن ما يضمره الفرد لن يزيده إلا مقتا و ازدراء و هو لا يدرك أنه يصنع شخصية منافقة مضطربة تقول ما لا تريد و تفعل ما الآخرون يريدون.
- إن هذه الحالة من الخطورة بمكان إذ تجعل صاحبها يعيش دائما في ضغوطات و إكراهات تحتم عليه ليبقى عبدا لأذواق البيئة أو المجتمع الذي ينتمي إليه. فما أسوأ أن يعيش المرء حياة غير حياته أو يكون جبانا حين يخفي جانبه المظلم عن الآخرين لاعتقاده أنه يشعر بالعار الذي زرعه فيه أحد أبويه لمرض نفسي كان يعاني منه.
كيف يمكن النجاة من الذات الكاذبة أو الزائفة:
كيف يمكن معالجتها و إصلاح ما سببته من سحق الذات الحقيقية و نسف أركانها؟
في سبيل النجاة من الذات الكاذبة أو الزائفة." كن أنت على قدر المستطاع و لا تتشكل من أجل أحد حتى لا تفقد متعة فهمك و اعترافك بذاتك"
عبارة تستحق الفهم خصوصا لمن هو في أمانته أبناء مثلي أنا.
عندما قرأت عن الموضوع ، تملكني خوف أن أكون ممن يصنع أنا زائفة لا شعوريا. راجعت نفسي و تذكرت سلوكياتي مع أبنائي، هل أنا أم متسلطة؟ هل يمكن ان أساهم في طريق إصلاحي لشيء مثل هذا و أمهد لتصرفات لا إرادية؟
حقيقة، أنا أحاول أن أنجو و أنجي معي أبنائي من أعوص الاضطرابات النفسية.
الأنا الزائفة مجرد وهم فلا تجعله حقيقة
- ازداد تساؤلي و تذكرت نصائحي لأبنائي و كيف أحاول أن أزرع فيهم سلوكيات حميدة بدءا من تعويدهم على أداء الصلاة و إن كانوا ما يزالون أطفالا صغار إلا أنني أؤمن بمقولة "التعلم في الصغر كالنقش على الحجر", و لأن الصلاة علاوة على أهميتها فهي تنظم حياة الفرد و تهذبه وتعلمه الشعور بالمسؤولية و اهمية الوقت.
- دخلت في استفهام عميق ؟ هل أنا أساهم في تشكيل ذات حقيقية أم زائفة؟ حين أحث أبنائي على احترامي و طاعتي, حين أضغط على ابني كي يصلي, حين أصر و أكثر من التذكير, فأشك في طريقة صلاته. و أشك في و ضوئه. حين أسأله فأجده يكذب علي. فهل أنا تسببت لا شعوريا في تشوه فهمه لاكتساب الاخلاق و العادات الجيدة؟
و إن كان الأمر كذلك، فكيف يمكن استدراك ذلك. و معالجته شيئا فشيئا حتى يستعيد ابني ثقته في نفسه و لا يضطر ليفعل ما لا يريد. أو يصمت عن ما لا يجب السكوت عنه.
و إن كانت غايتي و نيتي حسنة، فهذا لا يبرر البقاء على نفس الأسلوب و به و جب القول و الانتباه الى ضرورة تغيير الطريقة و تعلم الموعظة الحسنة و الهجر الجميل، و الاعتماد على التذكير و الإرشاد بطرق سليمة تحبب و لا تنفر و تشجع و لا تحبط و تحتوي أكثر مما تنتقد. فأين لي بكل هاته الخبرة و الحكامة.
سأحاول الاجتهاد و أفعل ما أستطيع حتى أتخلص من عبئ التقصير. فلسنا ملائكة و لكن ألطاف الله مدركة.
ختاما
خلصت في النهاية إلى أن المعرفة قوة و سلاح يحسن فهمنا و ينمي فينا طريقة التفكير و التعايش عوض الغموض و الحيرة. أناتنا تستحق منا فهما أكثر و إحاطة بشتى أحوالها لنحسن تربيتها فتحمينا من النقص و من مختلف العقد.
إذا أعحبك الموضوع اترك تعليقاً.