الوعي بالذات (مقالة)

ليس هناك أصعب من الشفافية، و أما التصنع و التكلف فقد بات من ضروريات الحياة. فالوردة المائلة الذابلة بادية للناظرين و لكن بهتها لا يغري أحدا بالاهتمام بها. 

كلما كنت شفافا مع نفسك كنت مشكلة بالنسبة للكثير. أنت تقاوم لأجل ذاتك و تأبى أن تخضع للتأثير. مشوارك طويل و كم ستعاني في رحلتك بين من يرونك شاذا و من لا يرونك في الأصل إلا كما مضى من العشير.

الوعي بالذات (مقالة)
الوعي بالذات (مقالة)


كذلك هي طبيعة الغالبية من الناس، لا تنظر إلى المكسورة أجنحتهم أو المنكسرة قلوبهم إلا بعين المشفق العاجز أو الشامت المتكبر. و تبقى منهم فئة قليلة تؤثر على نفسها الرضا لتنعم به في عيون الآخرين إذا ما أصابتهم مصيبة.

هكذا هو حال الغالبية من الناس، تغفل عن  شؤونها فتبحث في شؤون غيرها فهي تبحث عن السراب. و لأنها أغفلت قلبها و ألقت الضوء على قالبها المتغير.  جَنَت على نفسها فعوقبت بالحرمان من الصدق و من التلقائية، و انشغلت بسعي المحال عما يتطلبه الحال. 

و الحال أن من علق بشيء عذب به فقد عذب الجاهلون من الناس بقسوة الحبيب و غدر القريب و الفكر الكئيب و ما عاد يستمتع منهم بما كان يمتعه بالأمس القريب. 

- قد يظن الذي لا يقرأ ما بين السطور أنه مجرد كلام . و لكن الذي يجيد تأمل النص و يسقط معناه على هذا العالم المخيف، يفهم خطورة المآل الذي سببه  التدخل في مشاعر الأغيار و أباح للبعض انتقاد البعض بحجة النصيحة بينما لو كان هو محل الخطاب لما تقبله إلا كالذي يتجرع السم.

 هي الخلاصة في النية المسبقة المبيتة و توزيع الأحكام و الألقاب في الزمن المادي بامتياز حتى لم يتبق للألفة نصيب. و القسمة الآن هي قسمة المصالح أما غيرها من القيم المفقودة و المعدودة فقد وضعت في رف الاحتياط حتى إشعار آخر.

2- كيف يكون المخرج من التصنع و التكلف؟

* اصدق لتقترب 

   و القلب يستكين إذا وجد المتكأ. أرأيت غريبا يعزف عن موطنه. أرأيت الرضيع يشم أزكى من ريح أمه. كل فرع للأصل يحن إلا ما كان زائفا. فالجبلة بالترابط في الروح سبقت الأجساد البالية. و ما ارتبط بالروح لن يفككه الموت فكيف بكيد الأعداء. 

- إن الصدق أجمل ما في الحياة. ألا ترى أن أول من يلج الجنان الأصدق بين الخلائق. طيب الحياة يبدأ حين نتعرف على المداخل فينا فلكل مدخل و باب.

  اصدق في داخل إحساسك وتقبل الحقيقة، نعم،  ليس كل شيء من حولنا جميل، لا أبدا و ليست الدنيا ورود و الأشخاص على صنفين إما ودود أو حقود، فالنسبية طالت كل شيء ماعدا الله سبحانه. ولكن الجميل أن ترضى بكل ذلك و تخوض في تجارب الحياة. و أن تراها على أنها مراحل تربية و تكوين لك في كل ما يصيبك فيها بحيث تتخلص من التذمر و الاصطدام. و مع تداول الأيام و كثرة التجارب ستدرك أنك كلما تعمقت في بحر الحياة، كلما تعقدت تحدياتك و كبرت و تشكلت.

و إن كانت العيون مرآة الروح فالكلمة الطيبة سفير المودة، و الابتسامة عربون السلام و الطبطبة بلسم و محبة. و الذي يسكن القلوب يملك مفتاحها، و مفتاحها ما ائتلف و ما أُلِف. 

و الغربة تُخْلَق إذا تعدى المرء سنن الله فعزف عن الموجود و طمع بلا حدود. فالرفق الرفق، فليست القلوب تستعبد إلا برفق و حسن الخلق. كل شيء ينقضي أجله، و أثر الخير لا حد له.

 كلما خلصت السريرة كانت من المواطن أقرب و عن النفاق أبعد ما تكون. و كل قاسي القلب لا خير فيه و لا حظ له في رحمة الله. و لأن رحمة الله واسعة فهي لا تشمل ضيق الحس و التفكير.

*  لكل جواد كبوة

- حينما تسقط بنا القوى و الأعمدة و نهوي بسرعة البرق إلى أسفل الدرج لنعيد التسلق على سلالم الأمل، لا يكون الأمر ناجعا كذلك الذي يتلقاه الألم و يصنع منه نسخة فريدة الإصدار لا تعرف التكرار. فالحزن في حياتنا معلم ماهر لمن يحسن سماع الدرس و يدرك الأسرار. 


عجيب حال من ألف محطة المعاناة و رضي بها أنيسا دون أن يتدخل ليتغير الإحساس. هناك تشوه فظيع في الفهم و التلقي ينتج مجموعة من الضحايا تتسلل كلما ارتقى نجم أو ظهر بريقه. 
لكن الجميل حين تكون عطايا الإله بغير حساب. و تصيب من تشاء بلطفها، تمحص المتطهر ليصير خالصا لا تشويه شائبة. و أستحضر هنا حديثا للرسول صلى الله عليه و سلم إذ يقول فيه :

"وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض، وليس عليه خطيئة " المصدر: صحيح الجامع

👈كيف يمكن أن نعي بذواتنا؟


تقلبات المزاج

 كم من يوم قلت فيه اليوم سأقضيه بإيجابية و تفاؤل، و لن أسمح لأحد أن يعكر مزاجي، لكن سرعان ما وجدت نفسك لا شعوريا انسقت مع المواقف و الأشخاص. 

لا يمكن أن تمسك أعصابك دائما مهما حاولت، فأحيانا تجد نفسك أن تصرف أحد الأغبياء جرك دون أن تشعر لمستنقع غريب لا يشبهك، فلا تدرك إلا و قد احمرت وجنتاك من الغضب. 

و يبقى شيء احتمالي أن يكون يومك جميل فتختمه بمثل إحدى هاته المواقف يختبر فيها صبرك و قدرة تحملك على الاستفزاز.

 لكن من النادر أن تكون أوقاتك مسلية حينها حتى لا تنساق مع سيئي الأخلاق، ضحايا العقد فتسلم من شرهم و لا تعرهم اهتماما. 

👈حتى لا تسقط في الفخ

إن الحمية التي بدااخلك جيدة رغم جهالتها، فهي توقظ فيك الاعتزاز بنفسك. و لكن، يجب أن لا تكون على حساب الحق. فإذا ما قابلت موقفا مع أحد الجاهلين فلا تنهك نفسك مع من لا يفهمك و لا غرض له إلا أن ينغص عليك هدوئك و راحتك.  كن أذكى منه فإذا مر الموقف، حاول أن تنظر إليه بتفاهة حتى يصغر أمام عينيك فأنت أكبر من تقييم الجاهلين.

حتى لا أطيل الكلام، علينا أن نكون على وعي تام بأن هذه الحياة ضربات من التحديات و فرص و تقدمات و خيبات، تلزمنا أن نتعلم كيف نكسب أنفسنا في رحلة الحياة.

 كيف نقدر أنفسنا بتربيتها و تدريبها على تحمل المسؤوليات. و كذلك الحق في استقلالية الاختيارات. و هل هناك أظلم من أن نستهدف أشياء على حساب أنفسنا و نشتكي من المعاناة. 

* تقدير الذات

هي أنفسنا، لها أولويات،  مجبرون نحن أن نعي بها و نقيمها و نختار الأنسب لها من الأشخاص و الأمكنة و الأزمنة حتى لا نتحسر فيما بعد  و نتألم. 

لا تفكر إلا بها. حتى تقل خسائرك، تسلح بالقوة من الله و ثقف نفسك و تعرف عليها لتعرف أين تضعها قبل أن تلوم من لم يحترمك و من لم يقيمك فنفسك عليك بصيرة.

فلسفة حياة

- إذا أردت حقا أن تعيش بلا ألم ثقيل و أن لا تقع في جلد ذاتك، فعش على أنك أنت موكل لتكون أحسن من أنت لأجل أنت و أن تكون على وعي بهذا فأي هدف قبل هذا يفقدك أشياء و لا يكسبك مهما ظننت أنك صائب، فقلبك واحد و عقلك واحد و مصيرك وحيد ليس له نسخ متعددة.

-  قبل أن تستهلك نفسك وتهلكها فيما يفكر نحوك الآخرون و كيف تريد أن تكون نظرتهم إليك. ليس مهما كل ذلك، صدقني، لأنه حتى و إن استحسنوك أم لا، لا يؤثر ذلك في تقييمك لذاتك و ما يغير من حقيقتك في شيء. 

فكن أنت و ما تريد أن تكون بعيدا عن أهداف من حولك و لا تكترث لتفردك و اختلافك ما دامت ميولاتك تنتمي للطابع البشري و الفطرة السليمة. 

كينونتك في معرفة سر وجودك و الإيمان بوجودك يقتضي معرفة أهمية رسالتك التي جئت من أجلها فلا تجعل الدرس طويلا حتى تستوعبه. 

- إن كنت في هذا الكون نقطة في بحر أو واحدا من الناس، فبإمكانك أن تصنع لنفسك مجدا و تكتب عند الله من المؤثرين الحقيقيين . اعمل على إصلاح ما يوشك أن يصيبه العطب داخلك و تسلح بالنور السماوي فأنت من تراب و جسد و روح.  

- أطعم فكرك و روحك كما تطعم جسدك، حتما، ستفهم الحياة كما يجب إذا لم تعتبرها دارك الأبدية. فأن تلزم نفسك بالنجاح يعني أن تلتزم بتقبل المشقة في كل ما يزيدك قيمة. فالصبر لا مناص تطلبه و الإعانة تأتي بالاستعانة من الله، و حياتنا مصالح متضاربة بين أنت و انا . 

 - تقبل احتمالية السقوط في مشوارك و لكن لا تنتظرها بل كن جاهزا لتحاول النهوض دائما و كلما أتاك الإحباط، و شعرت بفقدان الأمل، اعلم أنك تقترب من تحقيق هدفك بشرط أن لا تتوقف، لا بأس أن تأخذ لك استراحة فكر لتعيد قراءة أفكارك و إنجازاتك، لتراجعها من جديد.

 و لو أنك تتعلم علما ينفعك أو ينفع غيرك، فلا يجب عليك أبدا أن تحكم على نفسك بعدم الإنجاز، فنجاحاتنا مختلفة و متفاوتة.

- قد يكون تخلصك من العادات السيئة أكبر نجاح، وقد يكون شيئا أقدمت عليه في حياتك أورثك ندما و حكمة في حد ذاته نجاحا، لأن ما أنت مواجهه يحتاج حكمة و دراية، فدائما عندما تحكم على نفسك كن منصفا. 

تذكر ما تعلمته في طريقك للنجاح من مرونة التعامل مع أحكام القدر . و كن مقدرا لنعمة الوقت و العافية، فهما رأسمالك الحقيقي و لا تغتر بمن يكتفي بالماديات فالحياة أكبر من هذا. 

و لتستمر على طريق الكفاح، لا بد لك من جرعة الرضا لتنسجم مع متغيرات الواقع. فاعلم قبل أن تعمل، و اعلم أن لا شيء مستحيلا مع المثابرة و الثقة و لا شيء ممكنا مع التقهقر و الاستسلام.

💪 النجاح أن تسعى و ليس أن تنظرإلى النتائج لأنها ليست بيدك. 

* تميز

 و أنت منهمك بنفسك تبهرهم، و إن لم تكن في الأصل تلك غايتك، و تشعرهم أنهم حقا مغبونون. ألفوا التبعية العمياء و يفعلون ما غيرهم يفعلونه لا يهمهم التغيير. إنما هي نسخ متشابهة، في العمق فارغة، همها يبدأ بلقمة و ينتهي كيف تخسر غرامات من جسم أرهقته شهوات بطن و مئات التبرير.

 تلك الحياة عندهم مختصرة، ليلها كنهارها، في تبذير و توفير. بل الحياة أن تفكر خارج الصندوق الذي أنت فيه، أن تقرأ و تبحث و تتعمق في سر من أسرار هذا الكون العمير، و لم أنت بالذات اختيار الله بدل الخلائق كلها مكلف بالتعمير. افهم الدرس جيدا حتى تكون رحلتك أعمق و أنسب تليق بك و بإنجازاتك.

 ارفع رأسك و امض للأمام و تسلح بالعلم و حسن الخلق و ابن لك دورا في جنة الدنيا. إن حياتنا أعقد من أن تحلل، لكنك فيها كسلسلة تبدأ و تنتهي، كلما توالت و استرسلت حلقاتها في المضي و السير.

اعتن بنفسك

اعتن بنفسك مهما كانت حالتك النفسية و لا تدع التحديات تفشلك، لا تستمع كثيرا لنفسك فقد تهلكك، إذا ما تركت لها مساحة أكبر لتأسى و تتذمر. 

هل كنت تستفيد يوما من هذا أم ترتاح. ربما مؤقتا، حين تجد لك أعذارا لتدفع بها واجبك في الأخذ بالأسباب و البحث عنها كيفما كانت مشاكلك. كن على يقين أن هذه أسهل الطرق و أقصرها و لكنها الأسوء على الإطلاق.

عندما تتعلم أن لا تقف كثيرا في محطات الإخفاق إلا بالقدر الذي ترصد فيه أخطاءك لتتجنبها في المرة القادمة. لترصد مخاوفك لتقبل عليها في المرة القادمة و لتكون أكبر شجاعة فتكون ما تريد عوض أن تنتظر حدثا ما يتدخل لتتغيرأو لتتحقق مساعيك. تعلم كيف تكون لك نظرة متطلعة للمستقبل و ليكن السؤال الذي يدور في رأسك ماذا بعد، اين الوجهة القادمة.

هكذا ستكون إنسانا تستحق خوض التجارب و العيش أكثر. عندما تفهم أن السر في العمل بالمتاح و بالبدائل المتاحة ثم المحاولة للبحث و إيجاد حلول مناسبة و أن تتكيف مع ما تعيشه من التحديات. حينها لن تستصعب أمرا ربما كان يبدو لك من قبل مستحيلا و لكن بتعودك على خوض التجارب صرت أكثر فهما لشفرة هذه الحياة..

MAGDA
بواسطة : MAGDA
ماجدة الضراوي: - طنجة. المغرب. - صانعة محتوى كتابي أدبي. -حاصلة على الإجازة في القانون خاص. - أستاذة لغة إنجليزية بالسلك الابتدائي الخاص. - درست القرآن الكريم برواية ورش عن نافع في معهد عائشة أم المؤمنين بطنجة. - درست في المركز اللغوي الأمريكي - طالبة في برنامج البناء المنهجي دفعة البشائر 5 الاهتمامات الأدبية: - الكتابة والشعر والقصص القصيرة. العضوية والنشر: - عضوة في منتديات متعددة في الوطن العربي - نشرت بعض أعمالها في المجلات المحلية الطموح. - المساهمة في إثراء المحتوى الأدبي. - تسليط الضوء على صوت المرأة في مجال الكتابة الإبداعية وباقي ميادين الحياة. رابط القناة على اليوتيوب: النسخة الإنجليزية https://www.youtube.com/@memeathoughts-dr
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-