حتى لا ينحني القلم، احنِ القلم، أليس الله الذي بالقلم علم، و قدر وفهم. فكل صاحب رسالة يحتاج إلى قلم.
![]() |
و من محاسن الأربعين. خواطر |
عتب و غضب لا يُقعدني على أن أترجى في الغد خيرا و أترقب. إن الشعور الذي لا أستطيع فهمه أو مقاومته هو حين أشعر بحديث يتآكل بداخلي و يقض مضجع مخيلتي فلا أرتاح حتى أطرحه بين ثنايا الأسطر لعله يتوضح أكثر أو يكفيني لأشبع فضول البوح بلا تعقيد.
هي نشوة لا تكاد تحدث دائما و لكن حدوثها و لو مرة يستوجب تفرغا و إنصاتا لما يدور في الداخل. و لعل الدواخل يكون لها دور في إنعاش الروح التي تعبت من المحاولة.
و قد يكون شرف المحاولة كفيل بأن يزرعها برعما في أرض جدباء فتنبت باسم الله. فلتبق روحك حرة و لو قيدت،. ستعرف كيف تحلق ما دامت روحك في جسدك
من بوح القلم
لا تكن عربيد كلمات، تكتب فقط لتثير الجدل. أو تكتب ليبقى مقالك منعشا و لا يطاله الركود. لا تكن رخيص الهدف و ابق قلمك صاحيا لا يكتب إلا لهدف سامي نبيل. لا يصمت عن قول حق جليل. لا يعبث بمتنمر ذليل.
أكتب لتكون خارج السرب لتتفرد و أنت تعبر الدرب و لا تلق بالا لمن يجنون من وراء تغريدات أموالا. المال مطلب حري أن يطلب و لكن لكل شيء ثمن فكن باهض الثمن و لا تساوم كلمات بكلمات.
نعم، بديهي أنك في زمن يسترخص الغالي و يستبدله بما يطفو على السطح، فلا يهم ما دون السطح، المهم أن يكون شيئا يشغل المارة و العابرين، و يقعد قليلي الحيلة و العابثين، فكن أنت دونهم صقرا اذا كتب.
إذا ادلهمت عقول الناس أنارها بالفكر و سعة الحوار، أو بالشك يزرع سؤالا لتُفهم الأسرار. و لا تكن إلا عاليا عاثيا كما الموج يعلو.
و من محاسن الأربعين
و بفضل الله أدركت المزايا و صرت أرى الدنيا بماء العينين.
يدنيني من كل ما يزينني و يملأني بالرشد و الأناة
إذا أقبل استقبلته برفق فيهدأ خوفي من ركض السنين.
فالعمر واحد و لا يُقاس إلا بما أحسنتُ فيه
و إن يوما لا أضيعه لخير من لعب و لهو لعين.
فالوقت لا يداهمنا و لكن اعتدنا أن نقدم الأعذار لنرتاح قليلا من وقع الأنين.
ومن محاسن الأربعين
دأب على الاستزادة مما يفيد و إفادة
و نصيب من الالتفات لهاته الذات
فماذا نعطيها مجمل الأوقات. و قسطا من الراحة أو حتى استراحة
نمعن فيها و نطلق الضحكات
و نقول بأعلى صوت لم يعد هناك شيء يستحق اللهفة و الحرص فما هو مقدر يستلزم المضي لكن في ثبات.
و ما لم نُحَصّله فليس لأننا لا نستحق و إنما في الغير خيرات.
و من محاسن الأربعين
أن لا تفوتنا الأربعين فنشكر النعيم و نبر النديم و نخشى العليم بما استطعنا لا رياء و لا ابتغاء مدح، فمدح الناس لا يقدم و لا يؤخر و الأساس أن نكون أهلا له في هذا العمر المبين.
لماذا أكتب
تعلمت أن لا أتوقف حتى يتوقف النبض، تعلمت أن لا أبخل و في الذاكرة درس يجب أن يُعرَض. و ليس لأنني أفضل من غيري، و لا أدراني بمقامي، و لكنني أؤمن بمقولة الحبيب صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا. و إن كنت أدون و أكثِر، أو كنت أدون و أقصِر، فما لذلك علاقة بصراع وجودي و إثبات بقدر ما أحسبه قد يجد فيه أحد تجربة مماثلة قد يراها بمنظور مختلف حتى لا أدع في دار الشهادة ما يمكن أن ينجيني برحمة من عالم الشهادة ليوم الحساب.
و من يدري، قد أكون ممن يغفل ما هو أولى أو يأتي بما هو أدنى أهمية زادا و استزادة ليوم التلاق. و إن لم يكن لي في ذلك قصد، و لكم حدثتني نفسي أن أتوقف و أقدم موضوعا دون الآخر و قالت لي لن يكترث لمحتواه أحد أو قد تسمعين عنه ما لا يطيب لك أو دعك من هذا إلى غيره فأعذل عن الاستماع إليها حتى لا أستسلم لمداخل الشيطان.
أنا حين أكتب عن أبواب الخير التي فتح الله بها علي في تبيانها، لا أصنف نفسي من الأخيار و لا أدعي أنني منهم، و إن كنت أحبهم و تطيب نفسي و تميل لما يقولون فأجدني لا حل لي إلا أن أدفع بهذا القلم ليعيد ما سمعت أو يعيد صياغته في شكل مختلف لعله ينال استحسانا فيشغل المشتغلون بالباطل عن سماعه إلى ما هو أدعى و أجدر أو حتى إن لم يفعلوا فعلى الأقل أكون جاهدت و لو بأقل نسبة ممكنة لأزاحم محتويات لا محتوى لها و الحاجبة عن ما يهم الإنسان المسلم الذي يوقن أن الوقت نعمة و هو حجة له أو عليه.
منذ أن سألت الله الدليل أعطاني دلائل لأتحرك ، لأبادر و أحاول قدر يقيني بالله ما استطعت أن لا ألقي بالا لمن لا تعجبه مواضيعي، فأنا كذلك كثير ما لم يعد يعجبني يُفرض علي و لا تُعطى لي مساحة في الاختيار. أما و قد بلغ السيل الزبى فلن أكون إلى الصمت راكنة، و لكن خليق بي أن لا أكتم ما يمكن أن ينفع أو أُحَدِّث بما يمكن أن يدرأ من الشر و بينهما أنا حتى تستكين قريحتي الفضولية إلا أن يشاء الله.