هو مرض السيلياك من الأمراض التي أصبحت اكثر شهرة من ذي قبل و خصوصا في صفوف الصغار حيث يلزمهم باتباع نظام غذائي صارم و قاس مما قد يؤثر على محيطهم الشخصي و المدرسي كذلك. هذه تجربة حقيقية في اكتشاف المرض و كيفية التعايش معه.
رحلة المعاناة
- لا تزال فتاتنا تتذكر أيام الطفولة التي كانت تعاني فيها من مشاكل صحية اعتادت عليها، كانت دائما تعاني من التهاب اللوزتين، و فقر الدم كان مصاحبا لها، وعلاوة على ذلك، كانت تحدث معها أشياء جد غريبة، بحيث كانت كلما تناولت الطعام تبتلعه بصعوبة، وغالبا كانت تحدث لها غصة بين الفينة و الأخرى.
- كانت تظل تعاني لفترة طويلة حتى تتخلص منها. و ما يصعب الوضع أكثر هو أنها لا تستطيع التنفس أثناءها بسهولة، و تشعر كأنها في حالة شرقان، فإذا ما حاولت أن تشرب تختنق، حتى أنها تضطر للقفز لتساعد على التخلص من الطعام العالق في البلعوم.هكذا كان يحدث معها، حالة غريبة جدا، لم يكن يشعر بها إلا الأقرباء المقربون منها الذين عايشو امعها تلك الفترات الصعبة.
- بقيت طفلتنا على هاته الحالة حتى كبرت، فصار عندها
بالإضافة لمشاكلها الصحية تلك، صار عندها تخوف استباقي كلما أرادت الشروع في الأكل.
و الأشد
غرابة هو أن تلك الغصة التي تطردها بعد عناء، تكتشف حين تتخلص منها أنها لا تجاوز حبة العدس، فكيف أن حتى هذا
الجزء الأصغر من الطعام لا يسهل ابتلاعه مما خلق عندها حالة من الرهاب، فأصبحت تتناول طعامها بتأن و تؤدة و صارت في قلق تتوقع كل لحظة أنها ستصاب بالغصة مجددا.
رحلة الاكتشاف للمرض 2017/05
في أحد الأيام، تكررت معها الحالة، غير أن هذه المرة لم تكن الغصة حبة العدس أو البازلاء كما العادة، بل كانت حبة الأرز المطهو مع فتات من الدجاج. لكن الأمرهذه المرة استمرلمدة طويلة مما استدعى تدخل الطبيب بشكل فوري. وفعلا ذاك ما حدث، تم نقلها على عجل إلى المستعحلات حتى يتم إنقاذها. خضعت الفتاة للتخدير الكامل للتخلص من هذه الغصة، و بعد ذلك، لم يجد الطبيب تفسيرا لذلك.
- في السنة الموالية، تكررت معها نفس الحالة فذهبت للمستشفى مجددا، و عالجت الأمر كما سبق، و لكن، بعد خروجها، كانت تتألم بشدة مما أثار استغرابها. فحصها الطبيب، و أخبرها أن عليها أن تقوم بفحوصات تشخيصية شاملة لمنطقة الحنجرة و البلعوم لمعرفة سبب الألم. و بعد التحليلات ومختلف الكشوفات، تبين أن القناة المسؤولة عن تمرير الطعام ( المرئ) جد ضيقة، و أن هناك التهاب حاد يستدعي التفصيل و الكشف بدقة أكثر للتأكد من تشخيص الحالة المستعصية.
رحلة العلاج
- بعد كل ما سبق، تبين من خلال النتائج و التحليلات الطبية أن بطلتنا تعاني من مرض مزمن يدعى السيلياك. ولمن لا
يعرفه فهو مرض مناعي يصيب الأمعاء الدقيقة فيجعلها لا تتقبل مادة الجلوتين. و ينتج عن ذلك مضاعفات عديدة كسوء الامتصاص و مغص شديد مستمر في البطن.
ويعد هذا المرض مرضا صامتا لأنه يستعصي على الأطباء التعرف عليه بسهولة، خاصة و أن جل أعراضه تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض الأخرى.
- وهكذا استطاعت فتاتنا أن تتوصل لجواب كاف و لحل لمعاناتها، فاتبعت نظاما صارما في التغذية و حمية مدى الحياة بعدما تمت توسعة جزء على مستوى البلعوم لديها.وهكذا قلت عندها الآلام و الالتهابات، و بدأت تستعيد عافيتها شيئا فشيئا.
- استطاعت فتاتنا أن تعيش في
صحة جيدة و أن تتناول ما تشتهيه نفسها مما لذ و طاب بعد أن تعلمت كيفية إعداد مأكولات خالية من مادة الجلوتين. فالحمد لله الذي جعل لكل داء دواء.
كانت قصة حقيقية كشفت نموذجا حقيقيا عن معاناة مرضى السيلياك. (
مقتطف من سيرة ذاتية) للتعريف و التحسيس بالمرض.
- و في نفس السياق، ارتأيت أن أنظم قصيدة في نفس الموضوع عسى
أن تجد صدى طيبا لدى القارئ أو تعيها أذن واعية.
صرخة سيلياكية
إلى كل الناعتين لي بالغرابة والاختلاف.
أنا لست غريبة كما تظنون
ولكن ظروفي مختلفة .
حينما تجدون كسرة خبز بسهولة
بينما أنا خبزي منقطع النظير
و إن أردت صنعه فلا شك ذاك مكلفا
أنا مختلفة.
عندما تتناولون ما تحبون
أينما و وقتما تحبون
بينما أتحفظ أنا جبرا وليس استخفافا .
وتتلذذون بما لذ و طاب
و أمتنع أنا حتى لا أتاذى
فالجلوتين لأمعائي صار عدوا مؤسفا .
أنا مختلفة
لأن في بلدي لا يهتمون لأمثالي
فنحن قلة قليلة لن تخيفا .
أنا مختلفة
لأن نظامي الغذائي صارم
والمجازفة فيه قد تودي بحياتي
و أنا لست مجنونة لأجازفا.
أنا ببساطة سيلياكية
أنشد حياة كريمة مثلكم.
أن أجلس المطاعم و أرتشف القهوة
ولا أكون متخوفة.
أنا مواطنة
من حقي أن أمارس نشاطاتي
و أخرج من حقيبتي أرقى الشكلاطة
و أنهمها متلهفة .
أنا لست ها هنا أطلب شفقة أو رأفة
أنا أوجه كلامي لأولئك الذين نسوا
أن هناك أناس يعانون في صمت
فظنوا أنهم من صمتهم يعيشون الترفا.